القائمة الرئيسية

الصفحات

ما المقصود بزواج المسيار

زواج المسيار هو أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيّاً مستوفي الأركان والشروط ، لكن تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كالسكن أو النفقة أو المبيت .وهذه الحقوق المتنازل عنها ليست شروطًا في العقد، ولا يعد اشتراطها مانعًا من صحة العقد، والعقد إذا حقق شروطه وخلا من موانعه كان صحيحًا.. هذا في الظاهر وهو كافٍ للقول بصحة العقد.


زواج المسيار


حكم زواج المسيار

اختلف أهل العلم في حكم هذا النوع من الزواج إلى أقوال ، فمن قائل بالإباحة إلى الإباحة مع الكراهة إلى المنع منه ، وننبه هنا على أمور :
الحكم الأول :

أنه لم يقل أحد من أهل العلم ببطلانه أو عدم صحته ، بل منعوا منه لما يترتب عليه من مفاسد تتعلق بالمرأة من حيث إنه مهين لها ، ومن تعلقه بالمجتمع من حيث استغلال هذا العقد من قبل أهل السوء وادعاء أن عشيقها هو زوجها ، ومن تعلقه بالأبناء حيث سيكون تضييع لهم ولتربيتهم بسبب غياب الأب .

الحكم  الثاني :

أن بعض من قال بإباحته رجع إلى التوقف عن القول بإباحته ، ومن أبرز من قال بإباحته هو الشيخ عبد العزيز بن باز و الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، ومن أبرز من كان يقول بإباحته ثم توقف فيه هو الشيخ العثيمين ، كما أن من أبرز من قال بالمنع منه بالكلية هو الشيخ الألباني .

الحكم  الثالث :

أن من قال بإباحة هذا الزواج لم يقل بتوقيته بزمان محدد مشابهة للمتعة ، ولم يقل بجوازه من غير ولي ؛ إذ الزواج من غير ولي باطل ، ولم يقل بجواز انعقاده من غير شهود أو إعلان ، بل لا بدَّ من أحدهما .



الأسباب التي أدت إلى ظهوره

والأسباب التي أدت إلى ظهور هذا الزواج كثيرة ، منها :

  1. ازدياد العنوسة في صفوف النساء بسبب انصراف الشباب عن الزواج لغلاء المهور وتكاليف الزواج ، أو بسبب كثرة الطلاق ، فلمثل هذه الأحوال ترضى بعض النساء بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة وتتنازل عن بعض حقوقها .
  2. احتياج بعض النساء للبقاء في بيوت أهاليهن إما لكونها الراعية الوحيدة لبعض أهلها ، أو لكونها مصابة بإعاقة ولا يرغب أهلها بتحميل زوجها ما لا يطيق ، ويبقى على اتصال معها دون ملل أو تكلف ، أو لكونها عندها أولاد ، ولا تستطيع الانتقال بهم إلى بيت زوجها ونحو ذلك من الأسباب .
  3. رغبة بعض الرجال من المتزوجين في إعفاف بعض النساء لحاجتهن لذلك ، أو لحاجته للتنوع والمتعة المباحة ، دون أن يؤثر ذلك على بيته الأول وأولاده .
  4.  رغبة الزوج أحياناً في عدم إظهار زواجه الثاني أمام زوجته الأولى لخشيته مما يترتب على ذلك من فساد العشرة بينهما .
  5.  كثرة سفر الرجل إلى بلد معين ومكثه فيه لمدد متطاولة ، ولا شك أن بقاءه فيه مع زوجة أحفظ لنفسه من عدمه .

أقوال أهل العلم في زواج المسيار


أقوال العلماء في هذا الزواج :

1. سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : عن زواج المسيار ، وهذا الزواج هو أن يتزوج الرجل ثانية أو ثالثة أو رابعة ، وهذه الزوجة يكون عندها ظروف تجبرها على البقاء عند والديها أو أحدهما في بيتها ، فيذهب إليها زوجها في أوقات مختلفة تخضع لظروف كل منهما ، فما حكم الشريعة في مثل هذا الزواج ؟ .
فأجاب :
"لا حرج في ذلك إذا استوفى العقد الشروط المعتبرة شرعاً ، وهي وجود الولي ورضا الزوجين ، وحضور شاهدين عدلين على إجراء العقد ، وسلامة الزوجين من الموانع ؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ) ؛ وقوله صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون على شروطهم ) ، فإذا اتفق الزوجان على أن المرأة تبقى عند أهلها ، أو على أن القسم يكون لها نهاراً لا ليلاً ، أو في أيام معينة ، أو ليالي معينة : فلا بأس بذلك ، بشرط إعلان النكاح ، وعدم إخفائه" انتهى .
" فتاوى علماء البلد الحرام " ( ص 450 ، 451 ) ، و" جريدة الجزيرة " عدد ( 8768 ) الاثنين 18 جمادى الأولى 1417هـ .
هذا ، وقد نقل بعض تلامذة الشيخ رحمه الله أنه توقف عن القول بإباحته آخر أمره ، لكن لم نجد شيئاً مكتوباً حتى نوثقه .

2. وسئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله :
يدور كلام كثير حول تحريم وتحليل زواج المسيار ، ونود من سماحتكم قولا فصلاً في هذا الشأن مع بيان شروطه وواجباته إن كان في حكم الحل ؟ .
فأجاب :
"شروط النكاح هي تعيين الزوجين ورضاهما والولي والشاهدان ، فإذا كملت الشروط وأعلن النكاح ولم يتواصوا على كتمانه لا الزوج ولا الزوجة ولا أولياؤهما وأولم على عرسه مع هذا كله فإن هذا نكاح صحيح ، سمِّه بعد ذلك ما شئت" انتهى .
" جريدة الجزيرة " الجمعة 15 ربيع الثاني 1422 هـ ، العدد : 10508 .

3. وقد سئل الشيخ الألباني عن زواج المسيار فمنع منه لسببين :
الأول : أن المقصود من النكاح هو " السكن " كما قال تعالى : ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/21 ، وهذا الزواج لا يتحقق فيه هذا الأمر .
والثاني : أنه قد يقدَّر للزوج أولاد من هذه المرأة ، وبسبب البعد عنها وقلة مجيئه إليها سينعكس ذلك سلباً على أولاده في تربيتهم وخلقهم .
انظر : " أحكام التعدد في ضوء الكتاب والسنة " ( ص 28 ، 29 ) .


4. وكان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى الجواز ثم توقف فيه بسبب ما تخلله من فساد في التطبيق من بعض المسيئين .
والذي نراه أخيراً :
أن زواج المسيار إذا استوفى شروط الزواج الصحيح من الإيجاب والقبول ورضا الولي والشهود أو الإعلان : فإنه عقد صحيح ، وهو صالح لأصنافٍ معينة من الرجال والنساء تقتضي ظروفهم مثل هذا النوع من العقود ، وأنه قد استغل هذا الجواز بعض ضعاف الدين ، لذا فالواجب عدم تعميم هذه الإباحة بفتوى ، بل يُنظر في ظرف كلٍّ من الزوجين ، فإن صلح لهما هذا النوع من النكاح أجيز لهما وإلا منعا من عقده ؛ وذلك منعاً من التزوج لأجل المتعة المجردة مع تضييع مقاصد النكاح الأخرى ، وقطعاً للسبيل أمام بعض الزيجات التي يمكن الجزم بأنها ستكون فاشلة وتسبب ضياع الزوجة ، كمن يغيب عن امرأته الشهور الطويلة ويتركها في شقة وحدها تنظر إلى القنوات ، وتتصفح المنتديات ، وتدخل عالم الإنترنت ، فكيف يمكن لمثل هذه المرأة الضعيفة أن تقضي وقتها ؟! وهذا بخلاف من كانت تعيش مع أهلها ، أو مع أبنائها ، وعندها من الدين والطاعة والعفاف والستر ما يمكن أن يصبرها أثناء غياب زوجها .


والله أعلم


إيجابيات زواج المسيار و سلبياته

إيجابيات زواج المسيار
يرى بعض الباحثين أن لزواج المسيار إيجابيات و إن كان لا يحقق جميع جوانب الحياة الزوجية التي ينشدها الإسلام في الزواج ، و من أبرز هذه الإيجابيات :

  1. يراعي ضرورات الحياة : يقول القرضاوي : إن هذا الزواج ليس هو الزواج الإسلامي المنشود ؛ ولكنه الزواج الممكن والذي أوجبته ضرورات الحياة وعدم تحقيق الأهداف لا يبطل الزواج إنما يخدشه.
  2. إعفاف أكبر قدر ممكن من النساء. وهو من أعظم الأمور في محاربة الزنا.

سلبيات زواج المسيار
يرى البعض أن لزواج المسيار سلبيات أكثر من إيجابياته ، ومن أبرز هذه السلبيات :

  1. قد يؤدي إلى نشأة أطفال بآباء بلا أمهات أو أمهات بلا آباء.
  2. حرمان المرأة التي تقبل الزواج المسيار من حقوقها الطبيعية التي يفترض أن يحققها الزواج من استقرار ومسؤولية وإشهار ونفقة ومبيت ومسكن وأحياناً تُحرم حتى من الذرية حيث يشترط الكثير من الرجال في زواج المسيار عدم الإنجاب.
  3. عدم توفر إعفاف للمرأة في بعض الحالات ؛ وذلك لعدم تواجد الزوج بشكل طبيعي خاصة إذا لم يوجد لدى الزوجة الوازع الديني .
  4. يحرم كثيراً من النساء الراغبات في الزواج من حقهن في الزواج الشرعي المعروف والذي يتضمن الإشهار والنفقة والسكن وحق الإنجاب وقلل خياراتهن ليقبلن بالمسيار.

الفرق بين زواج المسيار والزواج العرفي

  • زواج المسيار يوثق في الدوائر الحكومية، ولكن الزواج العرفي لا يوثق أبداً.
  • في الزواج العرفي تترتب عليه جميع آثاره الشرعية بما فيها حق النفقة والمبيت، ولكن في زواج المسيار يُتفق على إسقاط حق النفقة والمبيت (السكن).

في ختام هذا المقال، يُشدد على أهمية فهم زواج المسيار بشكل شامل وبعيدًا عن النظرة السطحية. إنه جزء من التطور الاجتماعي والثقافي الذي يستدعي الاحترام والتفهم. يجب على المجتمع أن يقدر حق الأفراد في اتخاذ قرارات حياتية وزوجية تتناسب مع قيمهم واعتقاداتهم.

عندما يُفهم زواج المسيار بشكل صحيح، يمكن أن يكون له دور بناء في تعزيز الفهم المتبادل وتقوية الروابط الاجتماعية. يتعين علينا جميعًا السعي للحفاظ على جسر التواصل بين الأجيال والثقافات لبناء مجتمع يقوم على التفهم والاحترام المتبادل.



تعليقات

التنقل السريع